بروحها المتوسطية التي تجعل منها جسرا بين قارتي أوروبا وإفريقيا، تجسد طنجة توجه الانفتاح الذي تكرسه المملكة المغربية، بتمسكها بجذورها القارية الإفريقية وتطلعاتها العالمية.
استعدادا لاستقبال مباريات كأس أمم إفريقيا، شهدت حاضرة البوغاز تنفيذ برنامج متكامل ومتعدد المجالات، من أجل تحسين البنيات التحتية والبيئة الحياتية للسكان، بما يجعل تجربة الجماهير الإفريقية التي ستحل بمدينة البوغاز لحظات مطبوعة في الذاكرة، وتعكس روح المغرب الصاعد.
بالفعل، فقد اعتمدت السلطات العمومية، وعلى رأسها ولاية جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، برنامجا تحضيريا متكاملا وفق رؤية شاملة تجعل من الرياضة أداة للتنمية المستدامة والتلاحم المجتمعي، من أجل تهيئ الظروف الملائمة لاستقبال طنجة لضيوفها خلال كأس إفريقيا للأمم، بميزانية تبلغ ب 1,3 مليار درهم، ممولة بشكل مشترك من قبل وزارة الداخلية والوزارة المنتدبة لدى وزارة الاقتصاد والمالية، المكلفة بالميزانية.
إلى جانب أشغال التوسعة والتهيئة الشاملة لملعب طنجة الكبير، تمحورت مشاريع البرنامج التي تم تصميمها وتنفيذها بفضل مقاولات مغربية خالصة، حول 4 مجالات تشمل النقل والحركية، والتأهيل الحضري، والبنية التحتية البيئية، والتجهيزات الرياضية.
بخصوص النقل والحركية، فقد تم إطلاق برنامج واسع لتهيئة مجموعة من الطرق المهيكلة، حيث جرى توسيع 12 كلم من الطرق، وإعادة تهيئة 13 كلم أخرى من الطرق.
كما تم التركيز على تهيئة المداخل المؤدية إلى المدينة الرياضية، وإنشاء مواقف جديدة للسيارات بطاقة استيعابية تصل الى 3000 مكانا للوقوف، بهدف تسهيل حركة التنقل عن طريق تعزيز البنيات التحتية الطرقية وتحسين إمكانية الوصول لمختلف المناطق الحضرية لضمان سلالة حركة المرور خلال المباريات.
ولبس النسيج العمراني العتيق وبنايات وسط طنجة رداء من البياض بعد عملية واسعة النطاق للتأهيل الحضري قصد الرفع من جاذبية الفضاءات العامة وتحسين البيئة الحياتية لكل من المواطنين والزوار عن طريق صباغة الواجهات السكنية وتأهيل الحدائق العامة والفضاءات الخاصة بالأطفال وإنارة البنايات التاريخية.
كما شملت هذه العملية إعادة تهيئة الأحياء السكنية من خلال تعزيز الشبكة الطرقية للقرب وإنشاء المساحات الخضراء وملائمة التشوير الطرقي، وتجديد شبكات الإضاءة العامة على مستوى 27 حي سكني مع تركيب مصابيح بتقنية “LED”، الصديقة للبيئة، على مسافة 100 كلم طولي، وإعادة تهيئة جزء من كورنيش المدينة الذي لم يستهدف ضمن برامج التأهيل الحضري السابقة، وتزويد كورنيش المدينة والمواقع السياحية المهمة بالمرافق الصحية وتجهيزها بالأثاث الحضري الحديث.
في مبادرة تجمع بين الجمالية العمرانية والمحافظة على البيئة، جرى استعدادا لكأس إفريقيا للأمم توسعة شبكة الري باستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة (REUSE)، على طول 70 كلم من اجل سقي 45 هكتارا إضافية من المساحات الخضراء.
كما تم تزويد بعض الاحياء بالمياه الصالحة للشرب وبقنوات الصرف الصحي من خلال تركيب 19 كلم من أنابيب مياه الشرب و22 كلم من شبكة الصرف الصحي.
ولأن استقبال مدينة طنجة لهذه التظاهرة القارية هو حدث رياضي بامتياز، لم يغفل البرنامج تجديد مجموعة من المنشآت والبنيات التحتية الرياضة، تحسبا لتنظيم أنشطة موازية لإغناء تجربة المشجعين القادمين من مختلف البلدان الإفريقية، ومن جالياتها بالبلدان الأوروبية ودول المهجر.
بهذا الخصوص، جرى إعادة تأهيل وتطوير 13 ملعبا من ملاعب القرب لكرة القدم، وإنشاء 7 ملاعب جديدة بالأحياء ذات الكثافة السكانية العالية.
وشكل تنظيم هذا الحدث الرياضي القاري حافزا للسلطات العمومية من أجل إنجاز المشاريع المبرمجة على أكمل وجه، بما يضمن نجاح استقبال المباريات المبرمجة، ويمنح مدينة البوغاز إرثا مستداما، ويساهم في تحسن كبير لبيئة العيش، ويمنح للجماهير الوافدة تجربة رياضية وإنسانية لا تنسى.
وتعول طنجة على روحها المتوسطية المنفتحة، على تاريخها الحضاري الضارب في القدم، على مؤهلاتها الطبيعية ورصيدها الثقافي الوافر، وعلى قربها من مدن كتطوان، المصنفة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وأصيلة الأطلسية، لكي تكون “عروس الكان”.
وبدون أدنى شك، فمدينة طنجة على أتم الجاهزية من ناحية البنيات التحتية لاحتضان مباريات الكان، وستكون الجماهير الإفريقية على موعد مع مباريات وتجربة تعزز التلاحم والانسجام مع ساكنة مدينة طنجة، فالرياضة حاملة لقيم الشغف والاحتفال والبهجة والتنافس الشريف، إلى جانب كونها جسرا للتقارب بين الشعوب.